21- شرح اسم الله الواسع

الحديث عن الله هو حديث شهي لذيذ

فيه الحلاوة واللذة المقيمة

لذا القلوب الممتلئة حباً لله

لاشيء ألذ عندها من معرفة الله

يحكي أن قلباً ضاقت به الحياة

فبحث عن الوسع و طلبه

فعرف أن الوسع الذي يريد

في معرفته لله الواسع

لذا جاءت هذه التدوينة

لتخاطب قلب كل من ذاق الضيق كله، أو ذاق شيئاً منه

أعِرْني قلبك دقائق معدودة

عل هذه الكلمات تبدد ضيقك

وترشدك للوسع الذي تريده

الدليل على اسم الله الواسع:

جاء في القرآن في تسع آيات منها:

(( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة :١١٥ ]

(( وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة :٢٤٧]

((الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة: ٢٦٨]

((وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا)) [النساء:١٣٠]

الواسع في اللغة :

الواسع : اسم فاعل للموصوف بالوسع

فعله وِسِعَ الشيء يسعه سعة فهو واسع، وأوسع الله عليك أي أغناك

(( كتاب/ أسماء الله للرضواني))

الواسع في قول أهل العلم:

قال ابن جرير، الواسع: أي يسع خلقه كلهم بالكفاية والإفضال والجود والتدبير.

قال الخطابي ،الواسع: هو الغني الذي وسع غناه مفاقر عباده ووسع رزقه جميع خلقه.

قال القرطبي، الواسع: أي الذي يوسع على عباده في دينهم ولا يكلفهم ما ليس في وسعهم.

الآن .. لنتأمل معاً اسم الله الواسع وسعة الله جل في علاه على خلقه

ونحن نتأمل هذا الاسم ونتعمق في فهمه سنعرف بلا شك أن

وسع الله الواسع يشمل :

١- سعة صفاته ونعوته

٢- سعة رزقه

٣- سعة علمه

٤- سعة شرعه

٥- سعته لكل مستضيق

٦- السعة في العطاء

٧- السعة في القلب

١- سعة صفاته ونعوته

الله جل في علاه لا نحصي ثناءً عليه لسعة أوصافه

ولو بدأنا سرد أوصافه ما انتهينا

ولا أحصينا أوصافه ونعوته

فوسعه بها عظيم

وهذه السعة تخجلك من نفسك وتشعرك بعظمته جل في علاه

٢- سعة رزقه

الله جل في علاه واسع الرزق

وسع رزقه الأولين والآخرين

يمدنا بالرزق ليل نهار

لا حد لرزقه

قادر على أن يغني الفقير المعدم

و يوسع على المستضيق المتألم

رزقه يسع جميع مفاقرنا

هل أنت متيقن بذلك ؟

يحكي أن امرأة فقيرة معدمة يسخر الناس منها،

رزقها الله ورثاً لأحد أجدادها وأصبحت مليونيرة

وسعها رزق الله لأنه واسع

لذا تأكد و تيقن وثق أن سعة رزق الله قد تحيطك بإذن الله

٣- سعة علمه

الله جل في علاه يعلم كل شيء

يعلم دقائق الأمور وتفاصيلها

علمه يسعك ويسع كل شيء

وهذا العلم الواسع يجعلنا نُسلِّم الأمور إليه

ونثق بتدبيره جل في علاه

٤- سعة شرعه

الشرع هو البوصلة التي تدلنا على كل شيء

لم يهمل الشرع ما نحتاج من العلم

وسع الشرع جميع الخلق على اختلاف أحوالهم

لم يكلفنا الله بما لا نطيق

بل وسّع علينا باختلاف أحوالنا

وأولى الشرع بعض الأحوال الضيقة

سعة خاصة:

مثل جمع الصلاة وقصرها للمسافر

تيسير الصلاة للمريض

ترخيص الصائم بالفطر

مثال :السعة في الطلاق

قال تعالى :

((وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا)) [النساء:١٣٠]

الفرقة بين الزوجين صعبة ومؤلمة

لكنها رحمة وسعة وضعها الله لمن ضاقت عليهم الحياة معاً

قد يخاف الرجل أو المرأة الفقر أو ضيق المال أو الحال عند الطلاق

فجاءت الآية لتؤكد على أن الله يغني كلاًّ من سعته لأنه واسع

فما أحوج المطلقين لاستشعار اسم الله الواسع

لتطمئن نفوسهم وتهدأ قلوبهم.

٥- سعته لكل مستضيق

خبرني ماذا ضاق عليك ؟

نفسك؟ قلبك ؟ مالك ؟ أحبابك ؟ ابتلاؤك ؟ الدنيا بأكملها؟

هل تعلم أن الله قادرٌ على أن يبدل

ضيقك سعة تفك عنك كل قيود الضيق ؟

وأنت مستضيق نادي يا واسع وسع علي

وكرر هذا الدعاء وأحسن الظن بالله الواسع

إن سعته ستحيط بك وصدقني إنك لن تحرم من سعته

بإذن الله

لا سعة إلا سعة الله الواسع، إن استضَقت

فولِّ قبلة قلبك إلى الواسع، توجه إليه وأنت

متضرع مستغيث به.

أعرف امرأة بسيطة جداً ابتليت في حياتها بابتلاءات عظيمة

و لفت نظري قلبها الواسع الذي وسع الجميع

وتحمل الأقطار المؤلمة

وتحمل البشر المزعجين

فقالت لي يوماً أنها ذهبت لبيت الله الحرام

ودعت الله باسمه الواسع أن يوسع صدرها للجميع

فكان أن استجاب الله الواسع لها وأعطاها سؤلها

نحتاج جميعا سعة الصدر في تعاملنا مع من حولنا

في وظائفنا وعلاقاتنا وبالأخص في أسرنا

يحتاح الوالدين في تربيتهم لأبنائهم سعة الصدر

وكذلك كل مربي يحتاج سعة الصدر ليسع قلبه من يربيهم

لذا أوصي كل المربين باستشعار اسم الله الواسع والدعاء به

ولا تقتصر الحاجة لسعة الصدر على المربي

فكل فرد وكل إنسان مهما كان تعليمه أو مستواه

يحتاج سعة الصدر ليستطيع التعامل مع الآخرين برقي.

٦- السعة في العطاء

قال تعالى: ((مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ

أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ

وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))البقرة ٢٦١

قالت إحداهن لأهلها لنجمع الصدقات للمحتاجين

ولننفق ( مما نحب )فما كان إلا أن تصدقت

كل واحدة منهن مما تحب فهذه بطقم الألماس

وتلك براتبها الأول كاملا

والصغيرة بلعبتها القريبة لقلبها

وتم إعطاؤهم للجنة الزكاة والصدقات

لم تطل المدة إلا وكل واحدة منهن

قد رزقت بما لم تتوقع

فالواسع وسع عليهن كما وسعوا على الفقراء.

٧-السعة في القلب!

القلب هو المضخة الصغيرة التي تحركنا

إن كان حياً أمدنا بالحياة

وإن كان ميتاً نشر فينا موته!

و إن كان واسعاً كان الوسع والراحة

و إن كان ضيقاً كان الضيق والعتمة!

قلبك هو محل السعة

والقلب لا يتسع إلا بالله

كيف؟

بمعرفتك لله جل في علاه

كلما امتلأ القلب بمعرفة الله زاد اتساعاً

وكلما بعد عن معرفة الله كان ضيقه زائداً لا محالة!

وسّع قلبك بالعلم عن الله

تعلم عن الله

واملأ قلبك بهذا العلم

وعندها سيتسع عقلك وفكرك وشخصك أيضاً

قالت لي إحداهن مالحل للسخط ؟

قلت بمعرفة الله!

السخط ضيق في القلب

ومعرفة الله توسع القلب فتجعله راضياً.

تقف حروفي المتواضعة عند هذا الحد

و هذا ما تيسر لي ذكره في اسم الله الواسع

أسأل الله الواسع لي ولكم السعة فيما ضاق علينا

و أن يعيننا على تدبر هذا الإسم ومعايشته في حياتنا

شكراً لكم من القلب لحضوركم

دمتم في سعة دائمة ..

كتبته/ فجر بنت عبدالرحمن الكوس