18- شرح اسم الله التواب

نحن كبشر نسرف بالذنب ونخطئ كثيراً

لكن هل نلجم معاصينا بالتوبة أم لا ؟

و هل نوقن باتساع باب التوبة حينما تضيق بنا الذنوب؟

و هل تستشعر قلوبنا لأي مدى توبة الله التواب لنا ؟

هذه الكلمات أكتبها بقلب محب للجميع

وليست محصورة على كبير أو صغير، ملتزم أو غيره،

هي لكم جميعاً

وأسأل الله أن يكتب لها القبول في قلوبكم

ورود الاسم في القرآن الكريم:

ورد الاسم في القرآن إحدى عشرة مرة، منها تسع مرات أقترن باسم الله تعالى الرحيم، منها:

قول الله جلَّ وعلا {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37] ..

وقوله تعالى {.. وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]

وورد مقترنًا باسمه تعالى الحكيم، في قول الله عزَّ وجلَّ

{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: 10]

المعنى اللغوي:

(تب) التاء والباء كلمة واحدة تدل على الرجوع ،

يقال تاب من ذنبه أي رجع عنه،

يتوب توبة ومتاباً فهو تائب

والتوب: جمع توبة مثل عزمة وعزم .لسان العرب

أما في اصطلاح العلماء:

– قال الزجاجي : ((وتواب)) على وزن فعّال من تاب يتوب

و فعال من أبنية المبالغة مثل : ضرّاب ، و قتّال للكثير القتل .

– يقول السعدي:(( التوَّابُ)) : الذي لم يزلْ يتوب على التَّائبين ،

ويغفر ذنوب المنيبين ؛ فكُلُّ من تاب إلى الله توبة نصوحاً تاب الله عليه .

أولاً بتَوفيقهم للتوبة ، والإقبال بقلوبهم إليه ،

وهو التائب عليهم بعد توبتهم ، قبولا لها ، وعفواً عن خطاياهم.

إن الله التواب جل في علاه هو الذي يتوب علينا ويوفقنا للتوب ويعفو عن ذنوبنا مهما كانت..!

هل لاسم الله التواب وجود في يومك ؟

هل وضعته في قلبك ؟

هل عملت به.؟؟

لنتأمل سوياً هذه المعاني؛

الله التواب هو الذي يوفقك للتوبة ويعينك عليها ويقويك على ذنوبك ومعاصيك

الله التواب هو الذي يجعل من ذنبك الذي تحبه قبيحاً مريراً

فيقذف في قلبك بغضه بعد أن كنت تتلذذ به!

الله التواب يتوب عليك في كل مرة تتوب من ذنبك ولو أكثرت العودة عليه فهو يكثر التوبة عليك

الله التواب هو يغير وجهة قلبك من الظلام إلى النور

الله التواب هو الذي يمسح كل الذنوب إذا عدت و توسلت إليه أن يتوب عليك

الله التواب هو الذي لا يرد التائب أبداً فحين تقرر التوبة لن و لن و لن يخذلك !

هذا هو التواب جل في علاه لذلك لاتستبعد توبته على أحد ولا تستحقر المذنبين

بل ادعُ لهم بالتوبة فالتواب قادر على يتوب عليهم

و لا تظن أن التوبة بعيدة عنك فالتوبة قريبة منك إن حرصت عليها

وقد ترى فلان العاصي فيقع في قلبك استحقاره

ثم يتوب التواب عليه فيصبح أعلى منك في الطاعة والالتزم

سأذكر لكم موقف حدث لإحدى الفتيات؛

حيث ذهبت مع  أخواتها وصويحباتها

لإحدى الدول الخليجية لحضور حفل غنائي

وأقامت في نفس الفندق الذي تقام فيها الحفلة الغنائية

إنها ذهبت بقدميها لسماع الغناء

وأعادها الله تائبة .. كيف ؟

تأخر مطربها المحبوب عن الحضور فأرادت أن تذهب لغرفتها قليلاً

صعدت لغرفتها واذا بالتلفاز شيخ يتحدث

وكان يقول : إلى متى لا نتوب؟

إلى متى و نحن غافلون؟

فتغلغلت هذه الكلمات لقلبها وتقبلت هذه الرسالة الربانية، فتابت!

و لم تكمل سفرتها وعادت للكويت تائبة محبة لله مقبله عليه ملتزمة بحجابها ومتعلقة بطلب العلم

هل تعلم أن الله يفرح بتوبتك ؟

تخيل ذلك وقل لنفسك:

من نحن كي يفرح الله بنا و نحن تائبون إليه؟

هل تعرف فرح المسافر الذي ضاعت سيارته وبها أكله واحتياجاته ؟

ثم وجدها وكأنه وجد كنزاً!

إن الله أشد فرحاً بنا من هذا المسافر!!

تأملوا معي هذا الحديث:

ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : “

لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ,

فانفلتت منه , و عليها طعامه و شرابه فأيس منها

فأتى شجرة فاضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته –

فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها

ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك – أخطأ من شدة الفرح – “

هل تريد أن يفرح الله بك و يتقبلك ؟؟

تب إليه وتوسل إليه أن يقبل توبتك واندم على ذنبك

وتأمل هذا الحديث:

عنْ أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار،

ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مِنْ مغربها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

هناك بعض الوسائل المعينة على الكف من الذنوب:

– اتخذ صحبة صالحة واقطع صلتك بأصحاب الفساد

–  اقطع كل الوسائل المعينة على الذنوب بأشرطة الغناء والأفلام الماجنة والروايات المحركة للغرائز

– امسح المقاطع المخلة

– قم بإلغاء متابعة الذين يزينون الفساد

– اطلب من والديك أن يكثران الدعاء لك

– ارتبط بكتاب الله

– واظب على الدروس

– اقرأ كثيراً عن التوبة كي تستطيع أن تتوب

قال اللَّه تعالى (النور 31): {وتوبوا إِلَى اللَّه جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.

إن معرفتنا لاسم الله التواب يزرع في القلوب الأمل وسعة الرجاء من الله التواب

بحيث يشغف قلبك بمحبته سبحانه

ثم يكسوك حياءً منه لأن القلب كلما استشعر توبته كلما زاده حياؤه

تذكر دوماً أنك مهما كنت قريباً أو بعيداً من الله فأنت تحتاج لتوبة

لذلك إياك أن يحبطك إبليس وييئسك من توبة التواب

أحسن ظنك بالتواب كثيراً

و كن على يقين أنه سيتوب عليك

تب إلى الله في أي وقت فلا وقت محدد للتوبة

تب قبل أن تشرق الشمس من مغربها ..

وكن مفتقراً لله التواب

أعلن له حاجتك وضعفك

توسل تضرع

اذرف الدموع وابكِ من قلبك

قل يا تواب تب علي وارزقني التوبة

استجمع قلبك وأنت تنادي

اعترف له بندمك وضيقك

اطلب منه الوسع بالتوبة

كلمه وناجه بأسلوبك وبكلماتك

فأنت حين تكلمه لا تحتاج لأن ترصف الحروف و الكلمات

أنت تحتاج أن تجمع قلبك و تحادثه بصدق!

قل له: أتيتك يارب

معترفاً

نادماً

مستغيثاً

عازماً على التوبة

فهل لي بتوبة ياتواب ؟؟

كتبته / فجر بنت عبد الرحمن الكوس