(الجزء الثالث من شرح اسم الله الودود)

عندما تجلس  مع نفسك وتسألها هل أحب

الله؟

ستجيب بسرعة و بلا تردد نعم أحبه!!

توضع أحياناً في موقف ما، فيتبادر هذا السؤال في ذهنك: هل  ترجمت حبي بأفعال؟

هل يتضح  ” حبي لله ” بأفعالي وتصرفاتي ؟

أم أنه مجرد كلامٍ نظري  يخلو من أي تطبيقٍ فعلي؟

سنقف كثيرا عند هذا السؤال ! وعند هذه النقطة بالتحديد..

(  كيف أحول معرفتي النظرية لله الودود إلى عمل فعلي ؟؟ )

كلنا نعرف أن الله الودود يريد منّا أن نعرفه بقلوبنا وأن نعمل بجوارحنا وفق هذه المحبة..

وهنا يأتي السؤال الذي تحتار به القلوب، كيف أتحرك  بقلبي و بدني  بمحبة الودود ؟

١- الإلحاح على الله أن يرزقك حبه

البشر لا يحبون الذي يلح عليهم دائماً

لكن الله جل في علاه يحب العبد اللحوح أي الذي يلح على الله في الدعاء دائماً  ..

وما أكثر الأدعية في السنة النبوية  التي تحث على طلب الحب من الله، ومنها:

كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في

حديث

( النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ يَقُولُ : ” اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ وَحُبَّ مَا يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ ، فَاجْعَلْهُ لِي قُوَّةً فِيمَا تُحِبُّ ، وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مَا أُحِبُّ ، فَاجْعَلْهُ لِي فَرَاغًا فِيمَا تُحِبُّ ” .

٢- متابعة هدي النبي صلى الله عليه و سلم

قال تعالى (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ))

آل عمران ٣١

 قال الحسن : ( ادعى قوم محبة الله تعالى فابتلاهم الله بهذه الآية )

فتش في نفسك، هل أنا متبع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟

هل أحرص على تعلمها و تطبيقها؟

هل أتحرى أفعاله وسنته أم أني أرى ذلك أمراً ثانوياً؟

فتش بعمق .. كن صادقاً ..ثم  ركز على العمل بهدي النبي..

٣- الحرص على تعلم العلم الشرعي

يقول ابن القيم في بدائع الفوائد:

 ( إن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم ..)

و أهم العلوم  العلم بأسماء الله وصفاته

أعظم طريقة ليتشرب قلبك حب الله

أن تتعمق في معرفة الله بأسماءه و صفاته

فالمحبة تقوى بالعلم عن الله و هذا هو السبب في تفاوت حب الناس لله جل في علاه ..

والقاعدة هي: على قدر علمك بالله و عملك  تقوى محبتك

٤- تحبيب العباد بالله الودود

المحب الذي ذاق قلبه حلاوة حب الله

يحب أن يكون سبباً في محبة العباد لله

فلا يزال يذكرهم به و يتكلم عنه حتى يملأ قلوبهم حباًّ له وشوقاً للقائه

٥- أقدارك  مربوطة بأسماء الله الحسنى

و المحب لله الأقدار لا تمر عليه الأقدار بلا تأمل أو تفكر!

بل لا يزال يتأملها ويربطها بالله جل في علاه

المحب لله عز وجل، يتعبد الله بربط كل موقف يمر به بأسمائه تعالى

فتارة يتذكر الجبار عندما ترهقه الأقدار و ينكسر

وتارة يتذكر المستعان عند شعوره بالضعف وقلة الحيلة

وتارة أخرى يتذكر التواب عندما يغلبه الذنب

فلا يفوت موقفاً يعيشه في حياته إلا جعل له نصيباً في تعبده بالأسماء الحسنى .. حباً لله وتعلقاً به سبحانه

٦- الارتباط القوي بالقرآن يقوي الحب وينميه،

في هذا الزمن نهتم كثيرا بحمل جوالاتنا و قراءة الرسائل التي تصلنا ممن حولنا

كتاب الله أولى بالتأمل والمعاهدة

و المحب يحرص على قراءة كلمات من يحب

فكيف إذا كان المحبوب هو الله جل في علاه

من أجمل ما قرأت في وصف العبد المحب لله الودود

اجتمع شيوخ في مكة فتذاكروا أشياء في المحبة وكان الجنيد أصغرهم سناً . فقالوا هات ماعندك ياعراقي . فاطرق رأسه، ودمعت عيناه، ثم قال: (( عبد ذاهب عن نفسه، متصل بذكر ربه، ثم قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرقت قلبه أنوار هيبته، وصفا شربه من كاس وده، وانكشف له الجبار من أستار غيبته، فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكت فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله)!! فبكى الشيوخ وقالوا: ماعلى هذا مزيد.. جزاك الله خيراً يا تاج العارفين.

أعزائي

الحديث عن اسم الله الودود حديث يطول

 لكننا نصل الآن إلى نهاية الجزء الثالث في شرح اسم الله الودود

أسأل الله الودود أن يرزقكم وده ..

دمتم بخير

كتبته فجر بنت عبد الرحمن الكوس