في إحدى لقاءاتي مع فتياتي الغاليات أحببت أن يكون حديثي عن الأهداف وتحقيقها، فقمت بتوزيع أوراق وطلبت منهن أن يكتبن أهدافهن، وانهمكن في الكتابة بكل حب..

عقب ذلك قمت بقراءة الأهداف والتعليق عليها، وتنوعت الأهداف باختلاف البيئات والثقافات والهموم، إحداهن تريد أن تقود سيارة، والأخرى تتوق لأن تقود طيارة، وتلك تريد أن تكون مصممة أزياء…

لا يهم .. إذ لكل منا أهداف تعبر عما في دواخلنا من هموم ورغبات!
ومن بين تلك الأوراق أمسكت ورقة انبثق منها نور ولمعت عيناي وأنا أقرأها بصوت مرتفع، إنها فتاة قد كتبت «هدفي أن أتم حفظ القرآن الكريم، قولوا آمين».
فصرخت الفتيات آمييييين،
يا الله .. مَن هذه الفتاة التي سخر لها الرحمن جموعاً تؤمن على أمنيتها؟
من تلك التي أبت الشهرة في الأرض وطمعت في شهرة في السماء؟
من تلك التي تميزت في هدفها؟
هنا شعرت بشيء يهز أوصالي وفضول شديد لمعرفتها.
التفت على يميني فإذا بفتاة أرغمها حياؤها على أن تطأطئ رأسها من بين الحضور،
يا الله لقد أيقنت أنها ضالتي المنشودة! إنها فتاة لم يتجاوز عمرها 15عاماً.
انتهى اللقاء لكن المشاعر التي تكونت بداخلي لم تنته، وقررت أن أتواصل معها بدعواتي فهذا هو الوصل الأخوي الحقيقي.
وبعد أشهر رزقني الله زيارة بيته الحرام، وإذ بي أراها في الحرم حين أقبلت للسلام علي ثم قالت لي: غاليتي اقتربي مني أود أن أقول لك أمراً ما، وتذكرت لقاء الأهداف وشعوري أنها ضالتي المنشودة!
قالت: هل تذكرين لقاء الأهداف؟ قلت نعم، كيف لا أذكره؟
ثم قالت: هل تذكرين صاحبة هدف إتمام حفظ القرآن كاملاً؟
قلت: نعم
قالت بابتسامة: إنها أنا، لقد وفقني الله اليوم في بيته أن أتم حفظ كتابه ويسعدني أن أبشرك بهذا الأمر.
سارعت باحتضانها وتقبيلها وانهمرت دموع قلبي قبل عيني، فلحفظة كتاب الله تقدير عظيم ..
قالت: لن أنسى ذلك اللقاء وتأمين الأخوات على أمنيتي، في تلك اللحظة أيقنت أن الله قد سخر لي جنود الأرض ليدعوا لي ويؤمنوا على دعوتي!
هنيئاً لك يافتاتنا الغالية على هذا الشرف العظيم، شرف حفظ كتاب الله كاملاً، فلقد قال الله عز وجل {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (الأَنْبِيَاء:10)
يقول الشيخ السعدي:
{فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي: شرفكم وفخركم وارتفاعكم، إن تذكرتم به ما فيه من الأخبار الصادقة فاعتقدتموها، وامتثلتم ما فيه من الأوامر، واجتنبتم ما فيه من النواهي، ارتفع قدركم، وعظم أمركم …»
ومن وقت ذلك اللقاء إلى هذه اللحظة وأنا أرى هذه الفتاة في ارتقاء دائم وتعلق بالقرآن، لقد اختلفت عن مثيلاتها بهدفها وبارتباطها بكتاب الله وبتخلقها الواضح به، فبارك الله فيها وجعلها قرة عين لوالديها ورزقنا مثيلاتها.

وأنت يا قارئتي العزيزة هل تريدين العزة والشرف؟ لاشك أن هذا طموحك ومبلغ رجائك، فسارعي بحفظ كتاب الله والتخلق به و أركز على التخلق لأنه الأهم كي تنالي الشرف الحقيقي الذي يبدأ في الدنيا ويتصل إلى الآخرة.