صديقتي تحب الله وتحب أسماءه الحسنى وتسعدني دائما بلفتاتها ودقة أسئلتها.
كان لي اليوم حوار مشوق معها، فطلبت مني أن أقوم بكتابة تدوينة أسرد فيها حوارنا وأن أضفي عليها مزيدا من التفاصيل

قالت لي في البداية:
كنت أود أن أسألك على الرغم من أنني كنت قد سألتك سابقًا! إذا كان أحدهم يعاني من ابتلاء ما وهو يعلم أنه من الله ويتألم ويدعو بقوة أن يرفع عنه، هل بكاؤه وألمه وطلبه أن يرفع عنه الابتلاء ينافي الصبر؟؟ ستقولين أن الحزن لا ينافي الصبر فكيف إذا كان يريد أن يتغير حاله؟؟


هل فهمتي قصدي؟ الرغبة الشديدة بالفرج والألم والدعاء هل ينافيان الصبر؟

قلت لها:الألم والتعب والحزن من الابتلاء والرغبة في أن يرفع الابتلاء عنه لا ينافي الصبر مادام الإنسان لا يتسخط.. وماهو السخط؟
هو قوله لماذا انا ابتليت بهذا الابتلاء؟!
ولماذا غيري لم يبتلى؟
وإحساسه أنه مظلوم وحاشا لله أن يظلم أحد
السخط باختصار هو قلة أدب مع الله
مثال: زوجة متزوجة منذ سنين طويلة ولم ترزق بالذرية
وهي متشوق للأبناء
فهي تتألم وتبكي أحياناً لكنها تصبر نفسها
وتطلب من الله أن يرزقها الذرية وتتخذ الأسباب وهو العلاج
دعاؤها وبكاؤها ومحاولاتها لا ينافيان الصبر لماذا؟
لأنها لم تتسخط على الله
لم تقل لماذا فلان وعلان رزقوا بالذرية وهم لا يستحقونها!
هي لم تندب حظها
هي عبرت عن شعورها بالحزن والألم وهذا شيء طبيعي
لأننا بشر لابد أن نحزن وأن نتألم
قلتلها :الصبر ما معناه؟؟

قالت ماذا؟

قلت الصبر هو حبس النفس عن التسخط
يعني اذا ابتليت بابتلاء فلا أشتكي كما قلت لك في البداية

لكن هناك نقطة
البعض يعتقد أنه إذا قال مثلا رأسي يؤلمني فهو يتسخط والأفضل أن لا يقول

لأن هذا تشكي

حسناً هناك فرق بين أن أخبر بحالي وما أشعر به
وبين التسخط والتشكي

مثال:س رأسه يؤلمه وقال لإخوانه: أشعر بألم في رأسي والحمددلله على كل حال هو يقصد أن يخبر عن حاله فقط

ص قال لإخوانه: أشعر بألم في رأسي لماذا الناس لا تتألم مثلي؟؟ لماذا الألم يصيبني أنا فقط كم أنا مظلوم لماذا يارب تبتليني بالألم وتترك غيري!!

س أخبر عن حاله وعبّر عن شعوره وهو صابر، ص تسخط وتشكى

هل عرفتِ الفرق بين الحالتين؟!

قالت نعم

قلت إذا عرفتي الفرق سوف ترتاحين .. لننتقل الآن لسؤالك عن بكاء العبد ودعائه أن يرفع الله عنه البلاء هل تعلمين أنه هذا بحد ذاته عبادة؟؟

فقالت : صحيح؟؟ كيف

قلت: أليس ببكائه وتضرعه يطلب الفرج من ربه؟
إذاً هو في عبادة

قالت: ما أفهمه أن الصبر يعني تحمل الأذى والسكوت
وحينما أدعو فهذا لا يعني أنني صابرة

قلت لها: (( بالكويتي فاهمه الصبر غلط))
إليك مثلا، يعقوب عليه السلام. ألم يبكِ حتى فقد بصره وابيضت عيناه؟ ولكنه كان يدعو الله بالفرج
وقال:
(فصبر جميل) يوسف ٨٣،
يقول الطبري : فصبري على ما نالني من فقد ولدي، صبرٌ جميل لا جزع فيه ولا شكاية .

قالت: يبدو أنني لا أعرف الصبر وأشك في معناه
قالوا إنه صبر وسكت
قالوا صابر ويستحي الدعاء!

قلت: لا كان يدعو كثيراً

قلت لابد أن تفهمي شيء
أن الصبر لا يعني أن أمتنع عن دعاء الله
والدعاء أبداً لا ينافي الصبر بل هو من جزء منه
مثال: رجل ابتلي بمرض وهو صابر ومؤمن بقضاء الله
لكنه يدعو بالشفاء، فدعاءه من صميم صبره
فالصبر لا يعني السكوت حتى عن الدعاء!

فالصبر يعني أن نحبس أنفسنا عن التسخط والتشكي، وإخبارنا بحالنا بأدب وطلبنا من الله أن يفرج عنا أبداً لا ينافيان الصبر إنما ذلكم الصبر.

سؤال لك عزيزي القارىء هل تذوقت الصبر؟